الفلسفة اليونانيةغير مصنف

عزاء سقراط في سجنه: القسم بأنوبيس الإله المصري

الدكتور شرف عبد الحميد
أفلاطون: قسم سقراط بأنوبيس (Anubis) الإله المصري: عزاء سقراط في سجنه:
يقول سقراط، في كلماته الأخيرة وهو في محبسه، بعد أن حكمت عليه أثينا بالإعدام:
– “بعد أنْ رأى الأثينيون أنه من الأفضل أنْ أدانَ، رأيتُ أنا من جانبي لهذا السبب أنه من الأفضل كذلك أن أجلس هنا، وأنه من الأعدل أن أتحمل ببقائي هذا الحكم الذي أصدروه، فقد كان يمكن وحياةِ الكلبِ (وأقسم بكلب مصر!) أن تكون هذه العضلات وهذه العظام منذ وقت طويل في ميجارا أو في بوؤتيا”( ).
– “سقراط: وإني لأسأل نفسي وحق الكلب؛(وأقسم بكلب مصر!)”( ).
– “سقراط: وحقِ الكلبِ إله مصر..”( ).
يشير سقراط بعبارة “كلب مصر” إلى (أنوبيس)، إله الجبانة والشخصية الأبرز في كتاب الموتى.
ويتكرر القسم لتأكيد صدق القضية التي يتحدث بشأنها، وللدلالة على أن النتيجة التي سوف يتوصل إليها سقراط بشأن القضية التي يطرحها نتيجة صادقة وفاصلة بقدر صدق أنوبيس وفصله في اعترافات الموتى في العالم الآخر( ).
على ذلك يمكن القول أنَّ الاتصالَ بين مصر واليونان كان قويًا وعميقًا إلى درجة أن سقراط يقسم بالآلهة المصرية دون أن يعترض عليه مستمعوه قائلين له: لمَ تُقسم- يا سقراط- بآلهة غير يونانية؟! بل يبدو أن سقراط وأفلاطون (ومعهم قراء محاورات أفلاطون) يعرفون الإله المصري الذي يقسم به سقراط معرفةً تامة.
الدلائل الأثرية المؤيدة:
ويمكن أن ندعم ذلك بالدراسات التي بحثت العلاقات بين مصر وبلاد الإغريق، والتي قررت أنها تعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد. ويذكر آرثر إيفانز (A. Evans): “إن دَيْن كريت لعصر ما قبل الأسرات المتأخر، وأوائل عصر الأسرات في مصر قد تم إثباته بكم هائل من الدلائل الأثرية”، بل إن الحضارة المصرية قد أثرت على حضارة بحر إيجة في الألف الثالثة قبل الميلاد( ).
فمن ها هنا- من مصر- وهو ما يشكل العنصر السادس المكون لبنية نموذج الإسهام الحضاري- يبدأ تيارُ الحكمة الإنسانية في التدفق:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى