قضايا فكرية وثقافية

رواية ” المعلم و مارغريتا” للأديب الروسي ” ميخائيل بولغاكوف”

نشرت هذه الرواية سنة 1966، في ظل حرب باردة طاحنة بين الشرق والغرب، ما نتج عنه اشتداد الرقابة الأمنية داخل المجتمع السوفياتي على الكتاب و المبدعين ، الأمر الذي انعكس على الرواية و هي تروي احداثا من قمع الحرية الابداعية لكتاب ذاك الزمن.
يحل الشيطان ( قولند) بموسكو ، مرفوقا بأتباعه، على شاكلة بروفيسور ألماني مختص في السحر الأسود ، يدافع الشيطان هذا و يعارض احدى قصائد الشاعر ( إيفان) التي تنفي وجود شخصية المسيح عليه السلام، في رمزية الى الصراع بين الايمان و الالحاد أواخر خمسينيات القرن الماضي .
تنتقل بنا الرواية تاريخيا من موسكو الى القدس ، إبان سنوات عيش ياسوع الناصري، متعرضة الى حادثة محاكمته من طرف الحاكم ( بيلاطوس البنطي) فصلبه ( وفق الرواية المسيحية التي تتعارض وصلب العقيدة الاسلامية) في دلالة على التواجد التاريخي لهذه الشخصية المقدسة.
كما تصف الرواية الانفصام العقلي لعديد الشخصيات التي تعاملت مع قوى ميتافيزقيا على شاكلة الشيطان أو اعوانه، حالة الشيزوفينيا و الانفصام عن الواقع التي تكلم النفس، احوال مرضى المصحات العقلية ، في رمزية تامة الى اغتراب المثقف الروسي داخل الاتحاد السوفياتي بعد صعود النظام السياسي الجديد وتوليه السلطة ( أعتقد أن الشيطان في الرواية هو رمز للقادة السياسين في الاتحاد السوفياتي).
في الرواية شق من سيرة كاتبها ” بولغاكوف” و عذابه في اخراج روايته الى القارئ مع وجود رقابة أمنية على الأعمال الفكرية و الأدبية، التطرق لدور زوجته مارغريتا في اعادة التوازن الى ذات المعلم بعد حوادث عجيبة وقعت بموسكو.
الرواية جلد للنظام السوفياتي من الداخل ، عبر وضع اليد على جرح بعض الظواهر المتعفنة بهذا المجتمع، الرشوة، الابتزاز، تبيض الاموال، الجرائم السياسية ، معاناة المبدعين ….
ان رواية ” الشيطان يزور موسكو” هي واقعية سحرية ، لجأت الى الخيال للتملص من رقابة الرقيب و مقصه، انها تجربة تذكرنا بكتابات ” كافكا” و روح ” ديستويفسكي” ،…و بالرغم من الذهنية التجريدية المفرطة التي صبغت هذا العمل ،الا انها تبقى تصويرا واقعيا للحياة من داخل المجتمع السوفياتي في ظل تدافع ديالكتيكي بين المشرق و المغرب .
SAMI وهران / الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى